لو لم يحرقوا الحلم في (بالي)..

ـ1ـ
قبلَ أَنْ يَدُبَّ الرّعبُ في أَجْنِحَةِ الْعَصافير..
وَقْبلَ أَنْ تَرْكَعَ أَشْجارُ (الْبَاباوْ)،
وَتَنْفَصِمَ ظُهُورُها..
أَهْدَيْتُكِ الْفَرَحَ فِي (بَالِي).
ـ2ـ
لَوْ لَمْ يَمُتِ (السَّارِي كْلوبْ)،
وَيْغْرَقْ فِي دِماءِ الأبْرِياء،
لأَخْبَرَ الْكَوْنَ قِصَّتَنا:
كيفَ رَوَّضْنا حَلَبَةَ الرَّقْصِ بِأَرْجُلِنا.
وَكَيْفَ انتَفَضتْ قِنِّيناتُ الْخَمْرِ
وَتَأَفَّفَتْ
حِينَ رَشَفْتُ لُعابَكِ.
ـ3ـ
سُكَّانُ جَزيرَةِ (بالي)
أَحَبُوكِ مِنَ النَّظْرَةِ الأُولى.
سَلامُهُمْ عَلَيْكِ
كانَ تَرْحيباً بكِ.
عُقُودُ الأَزْهارِ التي أَهْدوها لِعُنُقِكِ
أَبَتِ الذّبُولَ بَعْدَ أُسْبُوعٍ مِنَ الدّلالِ،
وَالتَّأَرْجُحِ فَوْقَ نَهْدَيْكِ.
عُقُودُهُمْ زَيّنَتْكِ،
بَرَّجتْكِ،
أَرْجَعْتُكِ أَميرَةً عربية،
يَخْشَى الفرسان مُبارَزَتَها.
ـ4ـ
لَوْ لَمْ يُحْرِقُوا الْحُلْمَ في (بالي)..
لاقْتَفَيْتُ خُطُوَاتِكِ،
وَلَجَمَعْتُها واحدَةً واحِدَةً في حَقيبَتِي.
لَنْ أَعُودَ إلى سيدْنِي،
وَشَاطِىءُ (نُوسَا دْوَا)
يَحْتِفِظُ بِغُبارِ رِجْلَيْكِ!
أُفٍّ ما أَغْلَظَ مِياههُ البلوريّة الهادئة،
فَلَقَد سرَقَتْكِ منّي،
وَحَمَّمَتْكِ مِئَةَ مَرّةٍ في الدقيقة،
دونَ أن تُعيرَنِي انْتِباهاً،
أَوْ أنْ تَعْتَرِفَ بِصُحْبَتي لكِ!.
ـ5ـ
(كُوتَا) اللّذيذَةُ كَعَسَلِها
لَمْ تَتَدَخَّلْ.
أَهْدَتْنا شَوارِعَها،
مَحَلاّتِها التِّجاريّةَ،
وَمَطْعَمَيْ (الْبِيتْزَا هَاتْ)
وَ(الْمَاكْدُونَالْد)..
وَهَمَسَتْ فِي آذانِنا:
لا تَخافوا الأشباحَ،
فَالْمُؤمنُ لا يَخافُ.
وَفَجْأَةً تَسَلَّلَ الأشْباحُ
إلى (كُوتا)
وَمَحَوا ابْتِسامَتَها الْمَلائكيّةَ الْمُشرِقَةَ
بِلَهيبِ حِقْدِهِم الْمُميت.
بَعْد سَنَتَيْن مِنْ رِحْلَتِنا إلى جَزيرةِ (بالي)،
أَعْلَنَتْ (كوتا) خَوْفَها.
ـ6ـ
هاتِي عُقُودَ الأزْهارِ الّتِي تَحْتَفظينَ بِها،
لأُعيدَها إلى (بالي)..
جَزيرَتُنا حزينَةٌ،
يا حبيبَتِي،
كَأُمَّهاتِنا الْفَلَسْطِينِيّات،
يَلُفُّ الألـمُ وَجْهَها الأخضرَ،
يُجَرّحُ قلبَها النابضَ بالحب،
وَيَحْصُدُ بِمِنْجَلِ الرُّعْبِ
وُجُوهَ زائِريها.
أينَ النَّاسُ؟
أَسْمَعُ حَشْرَجاتِ قَلْبِها،
سَقْسَقاتِ دُموعِها،
لَنْ تَعُودَ الْحَياةُ إلى (بالي)،
إنْ لَمْ نَعُدْ نَحْنُ إلَيْها..
وَنَمْسَحْ بِرَقَصاتِنا الْمُؤمِنَةِ
بَصَماتِ هَمَجِيَّةٍ
كافِرَةٍ.
**