كي لا ننسى إيليا أبو شديد

ـ1ـ
إيليا أبو شديد..
شاعرٌ من أرضي الّتِي أعبُد،
عرفَ كيف يحوكَ من خُيوط العَنْكَبوت
خَيْمَةً يَتَفَيّأ تَحْتَها الشعر.
عرف كيف يَنْسُج في ليالي النار عباءاتٍ من الورد
تستر بها القصيدةُ عَوْرَتَها.
ـ2ـ
حمل قناديلَ الثلجِ كما حَمَل ديوجين قِنْديلَه،
ولكننا اهتدَيْنا بقناديلِ ثلجه
وَلَمْ يهتدِ ديوجين بعد!
ـ3ـ
بناتُ العشرين طَرّزن حروفَه بحلماتِهِنَّ،
مخافة أن تجوعَ الحروفُ
ولا تجد من يُرْضِعَها.
ـ4ـ
كان الشاعرُ اللبناني الوحيدُ
الذي غنّى لِجُرْحه المصلوب،
وبدلاً من أن يبكي الجُرْحُ،
راح يُصفّق طرباً.
ـ5ـ
صوتُ ماردِهِ هزَّ الكونَ،
وما زال يهزُّه،
غير عابىءٍ بدوراتِه ورياحِه وأنوائِه..
فالماردُ من لبنان،
والصوتُ شهقةُ شاعرٍ فَذّ.
ـ6ـ
وكما ركِبَ قدموسُ البَحْرَ،
ليزرعَ أبجديَّتَه على ألسنةِ القارات،
هكذا امتطى البَحّار صهوةَ زَوْرقه
ليزرعَ أشعارَهُ في قلوبِنا.
ـ7ـ
إنه ثورةٌ لـم يَعْتَرِها ندم..
إنه الشاعرُ الذي أمرَ الزمانَ أن يقفَ،
فوقفَ ليحتضنَه ويرحل.
ـ8ـ
قصيدة (حياتي) أو (صوت الإنسان)
أسمعها قبيل رحيله لصديقه الدكتور عصام حدّاد،
وأوصاهُ أن يسمعَها للريح..
علّها تنقلها إلى الجهاتِ الاربع،
وتعلِّقها على صدورِ الناس أزرارَ ورد.
ـ9ـ
صَدَرت عنه دراساتٌ عديدة،
نذكر منها:
إيليا أبو شديد، شاعرُ المغامرة، للباحث جان صَدَقَة.
وإيليا أبو شديد شاعرٌ عامي مبدع،
للدكتور جورج طَرَبَيه..
ولكنَّ الدراسةَ الأهم
كانت حياته المليئة بالعطاءِ اللامحدود.
ـ10ـ
إيليا أبو شديد غَيّبَه الموتُ عن 64 عاماً،
ولكن الشعرِ أحياه
وأعادَه إلينا في اليومِ الثاني قَصيدةً ولا أَجْمل،
سيُردِّدُها الناسُ،
وستحرقُ قلوبَ العشّاق.
**